كاشي ياقوتة الصين ومهد الإيجور مركز التجارة والثقافة على طريق الحرير manshetat

على بعد حوالى 1400 كليومتر من عاصمة مقاطعة شينجيانج الصينية، أورومتشى، تقع مدينة فريدة، بمجرد أن تفتح لك أبوابها، تشعر وكأنك تفتح الصفحات الأولى من مخطوطة كتبت منذ آلاف السنين، فمدينة كاشجر الحدودية التي تقع بالقرب من قيرغيزستان وطاجيكستان وأفغانستان وباكستان، لا تزال تحتفظ بمكانتها كـ”ياقوتة طريق الحرير”، إذ تمزج بين الماضى والحاضر كمركز للتجارة والتبادل الثقافي، وتقف على عتبة مستقبل يبدو أنه سيكون مشرقا مع اكتسابها أهمية متزايدة يوما بعد يوم.

المدينة القديمة

وبدعوة من السفارة الصينية بالقاهرة، زارت “مانشيتات” مدينة كاشجر الحدودية وهي واحدة من أقدم المدن المأهولة بالسكان في العالم، والتي تعرف كذلك باسم كاشي، وذلك للتعرف على أهم ما يميزها فى مختلف القطاعات كمدينة أساسية على طريق الحرير.

كاشى

ورغم أن  أورومتشي العاصمة السياسية لمنطقة شينجيانج الأيجورية ذاتية الحكم، إلا أن كاشجر كانت المركز التاريخي لحكم الأيجور، وسياساتهم، وفنونهم، وأدبهم، وتجارتهم، وثقافتهم، ودينهم.

ولعل أبرز ما يميز كاشجر هو مدى اختلافها عن الشكل المعتاد للمدن الحديثة، فرغم أنها مدينة تجارية وثقافية مهمة، إلا أنها لا تزال تحتفظ بتفردها وأصالتها كمدينة تقع على طريق الحرير. ويظهر ذلك جليا فى أسواقها المفعمة بالحياة، والتي تفتح أبوابها حتى الساعات الأولى من الصباح، لاسيما وإن الشمس تغيب بعد العاشرة مساء. وتجد شوارعها الصاخبة مليئة بأكشاك بيع الطعام الشهي ومعبقة برائحة الأكلات والتوابل المميزة فضلا عن وجود بائعى الخبز -الذى لا تجد مثيله فى مدن الصين الأخرى. وداخل أزقة الأسواق التي تشتهر بالحرف اليدوية ومحلات المنسوجات وغيرها من البضائع، ترى أهل المدينة وهم يرتدون زيهم الخاص الملون بألوان زاهية تعبر عن طبيعة المدينة الخاصة.

جانب من استعراضات الايجور

ومن بين أبرز مزارات مدينة كاشجر السياحية، مدينة كاشى القديمة. وبمجرد الدخول إلى البوابات الرئيسية للمدينة القديمة، تستقبلك استعراضات راقصة تعكس ثقافة أقلية الإيجور المسلمين الفريدة وتسرد تاريخ المدينة على مر العصور. ويقدم الراقصون استعراضات مختلفة بملابس تقليدية ملونة مختلفة تعكس مدى ثراء المدينة.

ويقدم الراقصون استعراضات مراسم فتح البوابات ثلاث مرات يوميا، ستة أيام في الأسبوع، باستثناء يوم الاثنين. وفي الشتاء، تتم المراسم مرة واحدة في اليوم.

وتمتد مدينة كاشجر القديمة على طول وعرض كيلومترين تقريبًا، وقد شهدت تغييرات كبيرة في السنوات الأخيرة. وبدأت أعمال إعادة إعمار واسعة النطاق عام 2009، بهدف تحديث المنطقة سياحيًا، وتحسين ظروف معيشة السكان المحليين، ومعالجة مخاوف السلامة في حال وقوع زلزال.

أسواق كاشى

وبعد زلزال ونتشوان في 12 مايو 2008، وضعت منطقة الحكم الذاتي مشروع إعادة تأهيل المدينة القديمة على رأس جدول أعمالها. وشمل المشروع تجديد منازل ما يقرب من 2000 أسرة  بإجمالى 40 ألف شخص باستثمار تجاوز 7 مليارات يوان.

وإلى جانب سحرها المعماري، تفتخر المدينة القديمة بمجموعة متنوعة من المتاجر المميزة التي تصطف على جانبي شوارعها، كل منها يقدم طابعًا فريدًا. وتُعتبر ثقافة البازار في كاشجر مثيرة للإعجاب، وبعد تجديدها، أصبحت المدينة القديمة مثالًا بارزًا على ذلك، حيث تُمثل شاهدًا على الحرف والفنون الشعبية النابضة للأويجور، ومن بينها، بازار كانتومان (شارع الحدادة)، وبازار دوبا (شارع الزهور والقبعات)، وبازار أواني الزهور، وبازار الذواقة، وبازار الحرف اليدوية، وبازار الفخار.

استعراضات الإيجور

ويتمتع شعب الأيجور بموهبة فطرية في الموسيقى والرقص، والتي تتجلى في متاجر الآلات الموسيقية التقليدية في المدينة. وبالفعل خلال زيارة أزقة المدينة الضيقة، استعرض الراقصون المحليون فى أحد منازل المدينة السياحية الرقصات التقليدية على أنغام موسيقى الإيجور المميزة.

مسجد اد كاه

ومن بين أبرز مزارات المدينة السياحية الأخرى، مسجد إد كاه وهو تحفة معمارية تتميّز بكونها أكبر مسجد في الصين.

وبمساحة 16,800 متر مربع، وسعة استيعابية تصل إلى مئات المصلين، يتسم المسجد بمعماره الفريد المكون من حوالى 140 عامود. وفى داخل المسجد، توجد سجادة حائط يعلوها رسومات لـ56 زهرة تمثل الجماعات العرقية فى الصين.

السجادة فى المسجد

وبسؤال إمام المسجد، محمد جمعة، عما إذا كان هناك اتصالا بالأزهر الشريف فى مصر، قال الإمام لـ”مانشيتات”، إنه لا يوجد اتصال مباشر ولكن الكثير من الأئمة يسافرون إلى مصر للدراسة هناك بعد حصولهم على الشهادة من المعهد الإسلامي فى شينجيانج والدراسة فى بكين.

إمام المسجد محمد جمعة

وقال الإمام إن المسجد يعد مكانا سياحيا ولكنه مكان للصلاة كذلك، حيث يستضيف الصلوات الخمس وصلوات الأعياد والتراويح فى رمضان.

وفى ختام زيارة الوفد الصحفى الدولى لمدينة كاشجر القديمة، تجول “مانشيتات” فى متحف يستعرض جهود تحديث المدينة وتحويلها لمدينة سياحية.

المسجد