أخطـاء طبيـة تكشـف تحـايلاً علـى التأمين الصحي

أخطـاء طبيـة تكشـف تحـايلاً علـى التأمين الصحي

قسم: اخبار العالم » بواسطة adams - 30 نوفمبر 2024

حذّر رئيس نيابة ديرة في دبي، المستشار يوسف فولاذ، حاملي وثائق التأمين الصحي، والأطباء، من «التحايل على ما ورد في وثيقة التأمين، بتحميل الشركات تكاليف لا تدخل ضمن التغطية»، مؤكداً أن «من يقصدون الاحتيال والتواطؤ مع الأطباء في هذا الشأن لن يفلتوا من المساءلة القانونية، تحت تُهمتي الاحتيال والتزوير، إذ يتم الكشف عن معظم حالات التلاعب نتيجة شكاوى أخطاء طبية».

وقال مديرون ومسؤولون عاملون في شركات تأمين صحي، إن «أخطاء طبية تكشف عن حالات استغلال على الشركات»، مشيرين إلى أن الاستغلال يأخذ أشكالاً كثيرة، منها الافراط في صرف أدوية وإجراء تحاليل لا لزوم لها، وغيرها من الخدمات الطبية غير المغطاة في وثيقة التأمين الصحي الأساسية»، مطالبين بضرورة العمل على ضبط ومراقبة التصرفات «غير الطبيعية» وفق وصفهم، التي تصدر عن أطباء في مستشفيات ومراكز صحية.

وذكروا أن شركات التأمين تدفع نسبة تراوح بين 20 و25٪ من الأقساط التي تحصلها من المؤمنين، إلى حالات الاستغلال والتلاعب بقصد أو بغير قصد، وكانت نائبة مدير عام هيئة التأمين فاطمة إسحاق العوضي، قالت في تصريحات سابقة لـ«الإمارات اليوم»، إن «الهيئة تتدخل في حال تلقيها شكاوى من شركات التأمين، أما من ناحية التحكم في الأسعار ورصد النظم المتبعة للعمل الميداني والإداري في المراكز الصحية، فهي من اختصاص جهات أخرى ذات علاقة».

وتفصيلاً، قال رئيس نيابة ديرة في دبي، المستشار يوسف فولاذ، إن معظم قضايا الاحتيال على شركات التأمين، يتم اكتشافها جراء شكاوى الخطأ الطبي من قبل المرضى، إذ يتبيّن أن معظمها تم بسوء نيّة»، مشيراً إلى أنها «ليست من جرائم الشكوى ويجوز للنيابة التحرك فيها من دون تقديم شكوى من المجني عليه».

إدانة مريضة

كانت محكمة دبي الابتدائية أصدرت حكمها في قضية احتيال على شركة تأمين صحي عن طريق سلب أموالها، بإدانة مريضة وطبيب ومستشفى في الإمارة بالاحتيال، بإجراء عملية لا تدخل في الوثيقة، واقتنعت محكمة الاستئناف واطمأنت إلى حكم أول درجة بسبب الدلائل على معرفة المريضة بالاحتيال الواقع على شركة التأمين، ومنها طلب الموافقة من شركة التأمين على إجراء العملية الموقّع من المريضة، ووثيقتي إقرار الموافقة على التخدير للعملية، وخدمات التمريض.

وذكر وكيل نيابة أول في دبي، عبدالله سلطان الشريف، تفاصيل القضية قائلاً إن «محكمة أول درجة قضت بمعاقبة طبيب بالحبس شهرين وتغريمه 5000 درهم عن تهمتي التزوير في محرر غير رسمي واستعماله، والاحتيال، وبالحبس شهراً وغرامة 5000 درهم عن تهمة التسبيب في المساس بسلامة جسد الغير، وتغريم المريضة 5000 درهم ومصادرة المحرر المزوّر، فضلاً عن تغريم المستشفى 5000 درهم». وتابع أن «محكمة استئناف دبي برئاسة القاضي عدنان الفرا، أيدت حكم أول درجة، مع إحالة الدعوى المدنية المقامة من المريضة ضدّ الطبيب والمستشفى إلى المحكمة المدنية لتعويضها عن العاهة التي أُصيبت بها، وعدم قبول الدعوى المدنية المقامة من المستشفى».

وشرح الشريف الواقعة بقوله إن «مريضة تعرضت لخطأ طبي وقدمت شكواها ضدّ الطبيب الذي أجرى لها العملية، ما أدى لحدوث عاهة مستديمة لها، وطلبت باتخاذ الإجراءات القانونية، ولكن بعد تحقيقات النيابة العامة تبيّن أن العملية التي أُجريت لها تُصنف من ضمن العمليات التجميلية التي لا يوجد داعٍ طبي لإجرائها».

وبين أن «المريضة تُعاني الارتجاع المريئي/ المعوي (ارتداد السوائل من المعدة إلى المريء) لأن فتحة المعدة لديها واسعة، ولم تستطع إنقاص وزنها، فطلب الطبيب من شركة التأمين أن يُجري لها عملية جراحية لعلاج الارتجاع الذي تعانيه ووافقت الشركة على تغطية التكاليف، لكنه في حقيقة الأمر أجرى لها عملية (تصغير معدة) التي تُجرى بغرض إنقاص الوزن».

وأكمل الشريف أن «المريضة التي تعاني الوزن الزائد لم تستطع احتمال المضاعفات المتوقعة بعد العملية، فاستغلت وجود الطبيب خارج الدولة وقدمت شكواها ضدّه على أنها خطأ طبي».

وأضاف «وبعدها وجّهت النيابة اتهامها للمريضة والطبيب بارتكاب تزوير في محرر غير رسمي، بأن غيّرا الحقيقة في طلب الموافقة على إجراء عملية جراحية من محررات شركة التأمين على خلاف الحقيقة، وقدماه للشركة محتجين بصحته، ما تسبب في إحداث ضرر للطبيب والمريضة، واتهامهما بالتوصل للاستيلاء لنفسيهما على 28 ألف درهم عائد لشركة التأمين، ما كان من شأنه خداع الشركة وحملها على تسليم المبلغ».

وتابع الشريف «كما وجهت النيابة اتهامها للطبيب بالتسبب بخطئه في المساس بسلامة جسم المتهمة المريضة ونشأ عن ذلك إصابتها بعاهة مستديمة تقدر نسبتها بـ10٪ نتيجة إخلاله بما تفرضه عليه أصول مهنته بأن أجرى لها عملية جراحية من دون دواعٍ طيبة لإجرائها، أما المستشفى فبصفته شخصية اعتبارية، فكان الطبيب المتهم هو أحد ممثليها وارتكب جرائمه لحسابها وباسمها». وطلب الشريف من المرضى «عدم التهاون والانصياع لبعض اقتراحات الأطباء ضعيفي الأنفس، الذين يلهثون وراء الربح المالي، متناسين قداسة مهنة الطب».

ورأى أنه «يتعين عليهم قبل التوقيع على طلبات الموافقة من شركة التأمين الإمعان جيداً في ما تم تدوينه بها من قبل الطبيب، وفي حالة الشك يتعين تواصلهم مع شركات التأمين نفسها، التي بدورها ستقوم بالتأكد والتدقيق، وفي ذلك حفاظ على سلامة المريض وموقفه القانوني، فالمريض له دور في حال تم اكتشاف الاحتيال، ويعاقب بصفته فاعلاً أصلياً للجريمة، وإن كان قد تعرض لخطأ طبي». وزاد «أما من يتقصدون الاحتيال والتواطؤ مع الأطباء في هذا الشأن فإنهم لن يفلتوا من المساءلة القانونية».

يشار إلى أن لائحة الدعوى المدنية المقامة من المريضة ورد فيها أن ضرراً قد لحق بها من جراء إصابتها بخطأ الطبيب المهني، الذي ألحق بها عاهة مستديمة، ولكون الطبيب يعمل في المستشفى وتابع له، فإنها تطلب إلزامهما متضامنين بأن يؤديا إليها 20 ألفاً و100 درهم على سبيل التعويض المؤقت.

طرق الاحتيال

تحدث المدير المساعد للتكافل العائلي والطبي في شركة «تكافل ري»، تامر ساهر، عن طرق الاحتيال قائلاً، إن «معظم حالات الاستغلال والاحتيال في التأمين الصحي يتمثل في محورين، الأول الإفراط في صرف أدوية وإجراء تحاليل لا لزوم لها وهو النوع الأكثر شيوعاً في السوق الإماراتية، أما الثاني فيحدث من خلال الاتفاق بين المؤمّن عليه والطبيب أو المستشفى عبر إجراء تحاليل وصرف أدوية أو إجراء عمليات غير مغطاة في وثيقة التأمين الصحي الأساسية». وذكر أن «شركات التأمين تتخذ آليات ووسائل عدة لحماية نفسها من حالات الاستغلال والاحتيال منها فحص المطالبات قبل البدء في عملية العلاج من خلال أطباء متخصصين لمعرفة ما إذا كان نوع وطريقة العلاج مناسبين أم لا، فضلاً عن وسيلة أخرى تتمثل في إرسال عينات من الأشخاص المختارين عشوائياً إلى بعض المراكز الصحية والمستشفيات لمعرفة ردود الفعل على تعاطي المركز مع حالة مرضية معينة».

وأشار إلى أن «شركات التأمين في جميع الأسواق العالمية تحاول قدر الإمكان تقليل الآثار الناجمة عن تداعيات الاحتيال»، مشيراً إلى أن «من 20٪ إلى 25٪ من إجمالي الأقساط التي تحصلها شركات التأمين من المؤمنين تدفعها لحالات الاستغلال والاحتيال».

إلى ذلك، ذكر المدير العام لشركة «تكافل الإمارات» للتأمين، غسان مروش، أن «حالات الاستغلال التي تتمثل في الإفراط في وصف الأدوية، وإجراء عمليات غير مغطاة في الوثيقة الأساسية هي الأكثر شيوعاً في مختلف الأسواق في المنطقة والعالم». وتابع أن «الوعي التأميني يلعب دوراً مهماً في الحد من الكثير من المشكلات التي تواجه مختلف الأنظمة المعنية بالتأمين الصحي»، محذراً من أن «حالات التلاعب والاستغلال من الممكن أن تؤثر وتنعكس بالدرجة الأولى على صحة المريض، خصوصاً في حالات الاتفاق بين الأطباء والمرضى على إجراء علاجات غير مغطاة، إذ يتم الكشف عن حالات تلاعب نتيجة حدوث أخطاء طبية»

وكشف العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لشركة دبي الإسلامية للتأمين وإعادة التأمين «أمان»، حسين الميزة، عن وجود «أطباء يتقاضون عمولة ترتبط طردياً وترتفع بازدياد قيمة الفاتورة الطبية التي يقدمونها للمرضى»، موضحاً أن «هناك حالات استغلال غير طبيعي للتأمين الصحي، من قبل أفراد وشركات»

وأعتبر أن «مدى أمانة عمل الطبيب أو إدارة المركز الطبي يعد الحلقة الأساسية في هذه القضية»، لافتاً إلى أن «المرضى في بعض المراكز الطبية باتوا يتنقلون في جولات مختلف الأقسام الطبية في المشفى».

وطالب بضرورة «العمل على ضبط ومراقبة التصرفات غير الطبيعية التي تصدر عن مستشفيات ومراكز صحية»، مؤكداً أن «بعض الأطباء يقدمون خدماتهم في مراكز صحية من دون رواتب، بل بعمولة فقط، في حين أن آخرين يعملون برواتب متدنية ويتقاضون عمولة».

مانشيتات قد يهمك